المقدمة: -

يعد سبق الفصل في الدعوى هو أحد أهم الدفوع التي توجه إلى الدعوى بقصد منع المحكمة من نظرها لسبق الفصل في موضوعها بحكم قضائي حاز حجية الأمر المقضي به، وأنه من غير المقبول عقلاً وعملاً استمرار الخصومات والمنازعات بين الخصوم وعدم وقوفها عند حد معين، فتصير مؤبدة لا تنتهي مع ما يترتب على ذلك من عدم استقرار المراكز القانونية وعدم حصول صاحب الحق على حقه مما يؤدى إلى تعطيل المعاملات بين الناس، ولذلك خلال هذا المقال سيتم بيان هذا الدفع الذي يرتب عدم جواز نظر الدعوى.

اولاً: - مفهوم سبق النظر في الدعوى.

يعد مصطلح (سبق نظر الدعوى) هو مصطلح نظامي قضائي يقصد به أن يكون قد سبق نظر القاضي للدعوى في مرحلة أو درجة أخرى، ولقد نصت المادة (94) الفقرة (ه) من نظام المرافعات الشرعية على (يكون القاضي ممنوعًا من نظر الدعوى وسماعها ولو لم يطلب ذلك أحد الخصوم في الأحوال الآتية:

هـإذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضيًا أو خبيرًا أو محكمًا، أو كان قد أدى شهادة فيها، أو باشر إجراء من إجراءات التحقيق فيها.)

ومن الأمثلة على سبق نظر القاضي للدعوى: أن يحكم فيها ثم ينتقل إلى درجة أو محكمة تكون أعلي، على سبيل المثال انتقاله من المحاكم العامة إلى محاكم الاستئناف (محاكم الدرجة الثانية)، فيعرض الحكم لأجل تدقيقه فلا يجوز له الاشتراك في ذلك، كما أن النظر فيها من غير حكم يعد مانعاً له من الاشتراك في تدقيق الحكم.

اذن فإن سبق الفصل في الدعوى يمنع القاضي من إعادة نظرها مرة أخرى حتى ولو لم يطلب أحد الخصوم ذلك وهذا لأن ذلك الدفع متعلق بالنظام العام.

ثانياً: - حالات سبق نظر القضية ذاتها (موضوعاً).

نصت المادة (76) الفقرة الأولى من النظام على (الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها، أو بسبب نوع الدعوى، أو قيمتها، أو الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام الصفة، أو الأهلية، أو المصلحة، أو لأي سبب آخر، وكذا الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها؛ يجوز الدفع به في أي مرحلة تكون فيها الدعوى وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها.)

ويتضح من خلال تلك الفقرة أنه يوجد حالتين لسبق نظر الدعوى ذاتها (موضوعاً) وهم كالتالي: -

الحالة الأولى: - متى سبق نظرها من قاضً آخر.

حيث يجوز الدفع في أي مرحلة من مراحل الدعوى بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها من قبل قاضً آخر.

الحالة الثانية: أن تكون القضية سبق له نظرها في الدرجة الأولى.

فلا يحق للقاضي نظرها في الدرجة الثانية، فيجب في تلك الحالة أن يتنحى، حيث إن الحاكم لا يدقق أحكامه، بل غيره من يدققها، فيكون سبق له نظر الدعوى.

ثالثاً: - تطبيقات قضائية على سبق الفصل في الدعوى.

لقد وفرت منصة محاكمة مجلد يحتوي على الأحكام الصادرة بعدم جواز نظر الدعوى، ويوجد فيه تطبيقات قضائية على عدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها كالتالي: -

  1.  خلال هذا الحكم القضائي يتضح انه تم الغاء حكم أول درجة والحكم مجدداً بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بدون الحاجة الى التحقق من الطرف المطالب نفسه.
  2. تبين من خلال الحكم القضائي التالي انه تم الحكم بعدم جواز نظر الدعوى لأنها مطابقة لدعوى سبق الحكم فيها من دائرة الاستئناف وبحكم نهائي وبالتالي اكتسبت الحجية القضائية.

الخاتمة: -

لقد تم خلال المقال بيان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى والذي يعد من الدفوع التي تتعلق بالنظام العام، وفي منصة محاكمة يوجد مجلدات قضائية بها أحكام قضائية صادرة عن المحاكم في المملكة العربية السعودية بعدم جواز نظر الدعوى للعديد من الأسباب المختلفة، ويمكن الاطلاع عليها في المنصة والاستفادة منها.

المصادر: -

  • الأحكام الصادرة بعدم جواز نظر الدعوى، قسم عدم جواز النظر، قسم الأحكام الشكلية التجارية، منصة محاكمة، 23 يناير 2024م، صفحة (4-23-24)
  •  نظام المرافعات الشرعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/1) بتاريخ 22/1/1435 هجرياً.
  • د. عبد الله عبد الحي الصاوي، قواعد الدفع بسبق الفصل في الدعوى وآثاره " دراسة تحليلية في قانون المرافعات مقارنة بالفقه الإسلامي “، مجلة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات، دمنهور، العدد 4، ج3، 2019م، ص 829
  • الشيخ محمد بن عبد العزيز بن علي العمر، مفهوم سبق نظر الدعوى في طلبات الرد والتنحي في جميع الدرجات فقهاً ونظاماً، الجمعية العلمية القضائية السعودية، مجلة الدراسات القضائية، العدد 64، مركز قضاء للبحوث والدراسات، صفحة (13-14 -29)

التعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول لكي تتمكن من إضافة تعليق تسجيل الدخول