أحكام التلبس بالجريمة في نظام الإجراءات الجزائية.

الكاتب: زينب منشور بتاريخ: 2024-09-05 تصنيف المقال: نظام الإجراءات الجزائية عدد المشاهدات: 60
أحكام التلبس بالجريمة في نظام الإجراءات الجزائية.

المقدمة: -

إن مفهوم التلبس بالجريمة يركز على المدلول الجزائي للتلبس دون غيره من المفاهيم الأخرى ؛ لأن التلبس يقصد به كشف الجريمة أثناء وقوعها أو بعده ببرهة ، وبالتالي يكون المجرم مشهوداً في حالة التلبس التي تتضاءل فيها احتمالية الخطأ في نسبة الجريمة إليه ، وبالتالي فإن نظام الإجراءات الجزائية أباح اتخاذ بعض الإجراءات الاستثنائية التي تمس حرية الأفراد وحرية مساكنهم أثناء التلبس ، وهذا لأجل أثبات الجريمة والحصول على الأدلة قبل ضياع معالمها من مسرح الجريمة ، وهذا يتطلب تقارب زمني بين لحظة ارتكاب الجريمة ولحظة اكتشافها ، مما يستلزم سرعة القبض على المتهم قبل فراره وضبط الأدلة قبل العبث بها لأجل كشف حقيقة الجريمة وتحديد فاعلها، وخلال هذا المقال سيتم بيان أحكام التلبس في نظام الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/2) بتاريخ 22/1/1435 هجرياً.

اولاً: - مفهوم التلبس.

لقد تعددت تعريفات الفقهاء للتلبس، وتلك التعريفات كالتالي: -

1.     التعريف الأول: ذهب هذا الرأي من الفقه إلى تعريف التلبس بإنه المدلول الزمني بين وقوع الجريمة وكشفها؛ وبالتالي يكون التلبس في تلك الحالة " نظرية إجرائية" خالصة، وليس له صبغة موضوعية على الأطلاق، فهي لا تفترض تعديلاً في أركان الجريمة، ولكن تقتصر على العنصر الزمني السابق، وآثار تلك النظرية بدورها إجرائية فقط.

2.     التعريف الثاني: ذهب جانب آخر من الفقه إلى قوله إن التلبس بالجريمة يعني وقت أو حال ارتكابها، ويعتمد إما على مشاهدة الجريمة وقت ارتكابها أو بعده بوقت يسير، فالمشاهدة الفعلية للجريمة أو التقارب الزمني بين كشفها وبين وقوعها مناط بحالة التلبس.

3.     التعريف الثالث: يرى هذا الفريق من الفقه أن التلبس هو المشاهدة الفعلية للجريمة حال ارتكابها من قبل أعضاء الضبط الجنائي بأنفسهم، سواء عن طريق السمع أو البصر أو الإدراك أو كشفهم لها بعد وقوعها بوقت يسير، وأن مجرد الاشتباه الذي يحتمل الشك لا يعتبر من حالات التلبس.

4.     التعريف الرابع: يرى هذا الفريق من الفقه أن التلبس هو حالة واقعية يعبر عنها مجموعة من المظاهر الخارجية، والتي تدل على أن الجريمة تقع أو بالكاد وقعت، وقوامها انعدام الزمن أو تقاربه بين وقوع الجريمة واكتشافها، والعبرة في اتخاذ الإجراءات بتحقق حالة التلبس، وليس بمجرد الاعتقاد بذلك، فإذا لم تكن هناك جريمة فلا وجود للتلبس.

كل تلك العريفات تعد متقاربة في بيان مقصود التلبس؛ ولقد نصت المادة (30) من نظام الإجراءات الجزائية على بيان مفهوم وحالات التلبس حيث وضحت أنه تكون الجريمة متلبسًا بها: -

¬  حال ارتكابها،

¬  أو عقب ارتكابها بوقت قريب.

¬  إذا تبع المجني عليه شخصًا، أو تبعته العامة مع الصياح إثر وقوعها،

¬  أو إذا وجد مرتكبها بعد وقوعها بوقت قريب حاملًا آلات، أو أسلحة، أو أمتعة، أو أدوات، أو أشياء أخرى، يستدل منها على أنه فاعل أو شريك فيها،

¬  أو إذا وجدت به في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك.

ثانياً: - مهام وسلطات رجال الضبط الجنائي إثناء التلبس بالجريمة.

لقد منح نظام الإجراءات الجزائية لرجال الضبط الجنائي مجموعة من السلطات الاستثنائية أثناء حالة التلبس بالجريمة، والعلة في منح تلك السلطات الاستثنائية لهم تكمن في أن الجريمة تكون قد وقعت والأدلة قائمة أمامهم، فلا خوف من الإسراع في التحقيق فيها ولا مجال للانتظار، وذلك لانتفاء مظنة الخطأ، وتلك السلطات الاستثنائية كالتالي: -

1.     القبض والتوقيف.

لقد وضع الفقه القانوني العديد من التعريفات المتشابهة لمفهوم " القبض " ومنها أنه تم تعريف القبض بإنه هو تقييد حركة الشخص وإعاقته عن المضي إلى حال سبيله وحرمانه من القدرة على الذهاب والإياب دون إرادته.

ولقد نصت المادة (31) من النظام على انه (يجب على رجل الضبط الجنائي – في حال التلبس بالجريمة - أن ينتقل فورًا إلى مكان وقوعها ويعاين آثارها المادية ويحافظ عليها، ويثبت حال الأماكن والأشخاص، وكل ما يفيد في كشف الحقيقة، وأن يسمع أقوال من كان حاضرًا، أو من يمكن الحصول منه على معلومات في شأن الواقعة ومرتكبها. ويجب عليه أن يبلغ هيئة التحقيق والادعاء العام فورًا بانتقاله.)

ولقد بينت تلك المادة الحالة التي تتمثل في مشاهدة رجال الضبط للجريمة حال ارتكابها ، وهي من أوضح حالات التلبس، ولقد أطلق عليها بعض الفقهاء حالة التلبس الحقيقي، ويشترط أن يتحقق الأدراك حين وقوع الجريمة، أي وقت تنفيذ الركن المادي لها ، وإذا كان الركن المادي للفعل الإجرامي يتكون من عدة أفعال ، فيكفي مشاهدة فعل من هذه الأفعال ويكون إدراك الجريمة حال ارتكابها بأية حاسة من الحواس – ولا تقتصر على مشاهدة الجريمة بالرؤية البصرية فقط- فعلى سبيل المثال ، سماع الطلقات النارية في جريمة القتل يتحقق به إدراك الجريمة بواسطة حاسة السمع.

وبالإضافة الى نص المادة (33) من النظام على أنه لرجل الضبط الجنائي في حال التلبس بالجريمة القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه؛ على أن يحرِّر محضرًا بذلك، وأن يبادر بإبلاغ هيئة التحقيق والادعاء العام فورًا. وفي جميع الأحوال لا يجوز إبقاء المقبوض عليه موقوفًا لأكثر من أربع وعشرين ساعة إلا بأمر كتابي من المحقق.
فإذا لم يكن المتهم حاضرًا، فيجب على رجل الضبط الجنائي أن يصدر أمرًا بالقبض عليه وإحضاره، وأن يبين ذلك في المحضر.

ولقد نصت المادة (32) انه يجوز لرجل الضبط الجنائي عند انتقاله - في حال التلبس بالجريمة - أن يمنع الحاضرين من مبارحة مكان الواقعة أو الابتعاد عنه، حتى يحرر المحضر اللازم بذلك. وله أن يستدعي في الحال من يمكن الحصول منه على معلومات في شأن الواقعة.
وإذا خالف أحد الحاضرين الأمر الصادر إليه من رجل الضبط الجنائي أو امتنع أحد ممَّن دعاهم عن الحضور؛ فيثبت ذلك في المحضر، ويحال المخالف إلى المحكمة المختصة لتقرير ما تراه في شأنه.

2.     التحقيق والتفتيش.

لقد أجاز نظام الإجراءات الجزائية لمأمور الضبط الجنائي في المادة (34) من النظام والمادة (20) من اللائحة بإجراء التحقيق في الجريمة وسماع أقوال المتهم المقبوض عليه ، وبالتالي يكون جعل له مهمة الاستجواب ، وهو عبارة عن توجيه التهمة إلى المتهم ومناقشته تفصيلياً عنها ومواجهته بالأدلة القائمة ضده ،ويعد الاستجواب من أخطر إجراءات التحقيق الذي يتعرض له المتهم لما يفضى اليه من اعتراف ، ولهذا أحاطه النظام الإجرائي الجزائي بضمانات كافية لكي يكون معبراً عن الحقيقة ، ولهذا يعد الاستجواب لسلطة مختصة بالتحقيق لما في خطورته من ان يفضى الى اعتراف قد تكون له أهمية حاسمة في الدعوى ، ولقد جاء الحق لمأموري الضبط الجنائي باستجواب المتهم اثناء حالات التلبس بالجرمة كاستثناء على الأصل ، في الأحوال التي يخشى فيها فوات الوقت ولازماً في كشف الحقيقة ، ولقد الزمت المادة (34) رجل الضبط الجنائي بإنه إذا ترجح وجود دلائل كافية على اتهامه فيرسله خلال أربع وعشرين ساعة مع المحضر إلى المحقق الذي يجب عليه أن يستجوب المتهم المقبوض عليه خلال أربع وعشرين ساعة، ثم يأمر بتوقيفه أو الإفراج عنه.

الخاتمة: -

لقد تم خلال المقال بيان أحكام التلبس بالجريمة في نظام الإجراءات الجزائية، وفى منصة محاكمة يوجد شرح مفصل لنظام الإجراءات الجزائية، وبالإضافة إلى شرح مفصل للعديد من الأنظمة القانونية الأخرى، ويمكن ايضاً الاطلاع على الاحكام القضائية المختلفة في المنصة.

                                        

المصادر والمراجع: -

التعليقات