الجزء الثاني من تأملات في مدونات القضاء الإداري.

المقدمة: -

لقد شكل ظهور المدونات القضائية في المملكة العربية السعودية نقلة نوعية أسهمت بزيادة الوعي في الاستيعاب الدقيق لفقه القضاء والقانون ، ولتوجيه النظر في المسائل في ظل وسع القضاء الإسلامي وتعدد اجتهادات السابقين واللاحقين في التعاطي مع النص أو اختيار القواعد الأصولية والفقهية التي تؤسس عليها الأحكام، فأصبح المطالع للمدونات يتلمس جريان العمل القضائي وتطوره ، وهو ما يعد تاريخاً للقانون وترسيخاً لمرحلة تقنين الأنظمة حيث يتوصل بها الى التنبؤ بالأحكام وإلى الوصول الى الكفاءة العدلية المناسبة لمرحلة التطور والتحديث والتي جاءت بها الرؤية في مجالات اقتصادية ومعاشية في المملكة ، وخلال هذا المقال سيتم الاطلاع على بعض أحكام القضاء الإداري في المملكة العربية السعودية من خلال الاطلاع على سفر تأملات في المدونات في منصة محاكمة.

اولاً: - مسألة امتناع جهة الإدارة من منح الموظف إجازة أمومة.

لقد جاء اللائحة التنفيذية للموارد البشرية في المادة (151) على انه (  تستحق الموظفة إجازة وضع بكامل الراتب مدتها (سبعين) يوما توزعها كيف تشاء تبدأ بحد أقصى بثمانية وعشرين يوما قبل التاريخ المرجح للوضع؛ ويحدد التاريخ المرجح للوضع بموجب شهادة طبية مصدقة من جهة صحية ‏ ) ، ونصت المادة (152) على إنه ( إذا رغبت الموظفة التفرغ لرعاية مولودها فيجوز لها الحصول على فترة أو فترات إجازة أمومة مدتها (ثلاث) سنوات كحد أقصى طوال خدمتها الوظيفية بربع الراتب بعد نهاية إجازة الوضع الوارد في المادة(151) من اللائحة على ألا يقل ما يصرف لها عن ( ألف وخمسمائة ) ريال شهريا وذلك وفق الضوابط الآتية :-

1.    أن يكون منح هذه الاجازة للموظفة خلال الثلاث سنوات الأولى من عمر الطفل.

2.    للجهة الحكومية تأجيل منح هذه الا إجازة لمدة لا تتجاوز (تسعين) يوما من التاريخ المحدد لبدء الاجازة إذا اقتضت مصلحة العمل ذلك ويجوز تمديد الاجازة بشرط موافقة الجهة الحكومية في نطاق حدها الأقصى المشار إليه أعلاه)

ولك حال امتنعت جهة الإدارة عن منح الموظفة هذه الاجازة فإنه يحق لها التقدم بدعوى فقضائية لدى ديوان المظالم ضد جهة الإدارة للمطالبة بإلغاء قرار السلبي لجهة الإدارة، وجاء في  تقرير المحكمة الادارية:- (فلا يجوز للجهة الادارية تأجيل منح هذه الاجازة للمدعية بعد مضي المدة المنصوص عليها نظاما... وما كان البين من أوراق الدعوى أن المدعى عليها مازالت ممتنعة عن منح المدعية هذه الاجازة بالرغم من وضوح النص النظامي و حال امتنعت جهة الادارة عن منح الموظفة هذه الاجازة  بالرغم من وضوح النص النظامي فيها، وانطباق كافة الضوابط النظامية على حالة المدعية؛ الأمر الذي تنتهي معه الدائرة إلى أن المدعى عليها قد خالفت بذلك صريح النظام وغايته و هو عدم الاضرار بالمدعية، وتعسفت في استعمال سلطتها التقديرية بحق المدعية؛ لذلك حكمت الدائرة:؛ بإلغاء قرار وزارة التعليم - إدارة التعليم بالمدينة المنورة - بالامتناع عن منح المدعية (.. ) إجازة رعاية مولود).

ثانياً: - مدى مسؤولية المعلم المناوب أثناء خروج الطلاب في نهاية العام الدراسي.

في إحدى القضايا التي تم رفعها امام القضاء الإداري، فإنه تعرض طالب للدهس من قبل سيارة أمام المدرسة مما تسبب في وفاته، فرفعت الأم المكلومة قضية أمام المحكمة الادارية ضد وزارة التعليم للمطالبة بالتعويض نتيجة التفريط من قبل المعلم المناوب في أداء واجباته.

نظرت المحكمة الادارية بمنطقة الرياض القضية، وقررت المحكمة (وحيث ورد في الدليل التنظيمي لدى المدعى عليها "وزارة التعليم'' أن من مهام المعلم المناوبة قبل وبعد الدوام الرسمي، كما ورد في الدليل الاجرائي لقواعد السلوك والمواظبة في مخالفات الدرجة الأولى " المخالفات السلوكية: تكرار خروج الطلاب ودخولهم ظهرا من البوابة قبل حضور سياراتهم أو التجمهر حولها، وثم تضمن مسؤوليات المدرسة تجاه تلك المخالفة ومنها: -الحرص على متايعة المناوبة ظهرا بما يلي:

1.    التأكد من وقوف المعلم المناوب عند الباب فور دق الجرس.

2.    توفير بديل للمناوب في حال غيابه.

3.    تعاون موظفي المدرسة لإدخال الطلبة الواقفين خارج المدرسة وتوجيههم إلى انتظار سياراتهم داخل المدرسة.

4.    مبادرة حارس المدرسة بإدخال كل طالب يقف أمام الباب قبل حضور ولي أمه.

والمتحقق من ذلك أن مكان انتظار الطلاب لأولياء أمورهم يكون داخل المدرسة.)

كما تقرر المحكمة (ولما كان النزاع المدعى عليها ممثلة بقائد المدرسة والمعلم المناوب وحارس المدرسة، هو الالتزام ببذل عناية، والمتحقق مما سبق إخلالهم بذلك؛ إذ كان من المتعين إبقاء طلاب المدرسة الابتدائية داخل المدرسة لحين حضور ولي أمر كل متهم، لاسيما وأن الأصل بأنهم قصر، وإخراجهم من المدرسة أو السماح لهم بذلك قبل حضور أولياء أمورهم يعد انتهاكاً لما قررته القواعد المبينة في الدليل الاجرائي المشار إليه).

الخاتمة: -

لقد   تم خلال المقال بيان بعض الفوائد في القضاء الإداري من خلال الاطلاع على كتاب تأملات في المدونات الصادر في منصة محاكمة، وهذا بعدما تم نشر الجزء الأول من المقال على منصة محاكمة ويمكن الاطلاع عليه، وبالإضافة الى انه يوجد دراسة آخري وهو مدونة الفوائد من القضاء التجاري في المملكة العربية السعودية وبالإضافة الى العديد من الدراسات الأخرى في قسم الدراسات والمؤلفات في منصة محاكمة.

المصدر: -

1.    تأملات في المدونات، قسم الدراسات والمؤلفات، منصة محاكمة، 27 يناير 2024 م، صفحة (452 إلى 453)

2.    مجموعة الأحكام والمبادئ الإدارية لعام 1439 هجرياً، المجلد الثاني، صفحة (90-91).

3.    مجموعة الأحكام والمبادئ الإدارية لعام 1439 هجرياً، المجلد الثاني، صفحة (189-190)

التعليقات