المقدمة: -
الأصل المقرر هو ان النيابة العامة هي التي تختص دون غيرها برفع الدعوى الجزائية ومباشرتها طبقاً للنظام، وإن اختصاصها في هذا الشأن مطلق ولا يرد عليه قيد، إلا باستثناء ما نص عليه المنظم وفقاً لنظام الإجراءات الجزائية، حيث قيد المنظم الجزائي حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجزائية ورفعها أمام المحكمة المختصة بثلاث قيود وهم الشكوى والطلب والأذن، وخلال هذا المقال، سنوضح الشكوى كإحدى القيود الواردة على تحريك الدعوى الجزائية.
اولاً: - مفهوم الشكوى.
تعرف الشكوى بإنها ادعاء من المجني عليه أو من ينوب عنه ضد شخص ارتكب جريمة، يقدم للسلطة العامة، أو لأحد رجال الضبط الجنائي، أو عضو الهيئة المختص، وتقدم شفاهه أو كتابة إلى الجهة القضائية المختصة. وتعود القيمة القانونية للشكوى عند المنظم السعودي من حيث إن الشكوى هي إجراء بديل يستطيع المجني عليه اللجوء اليه بالإضافة الى إجراء الادعاء المباشر.
ثانياً: - شروط الشكوى.
طبقاً لنظام الإجراءات الجزائية، فإن الشكوى لا تصح إلا من المجني عليه أو من ينوب عنه، أو وارثه، حيث نصت المادة (16) من النظام على "للمجني عليه - أو مَنْ ينوب عنه - ولوارثه من بعده، حق رفع الدعوى الجزائية في جميع القضايا التي يتعلق بها حق خاص، ومباشرة هذه الدعوى أمام المحكمة المختصة. وعلى المحكمة في هذه الحال إبلاغ المدعي العام بالحضور."
ولقد تناولت المادة حق ورثة المجني عليه في تقديم الشكوى بعد وفاته، ينقضي الحق في الشكوى بوفاة المجني عليه كونه حق لا يورث، وبالإضافة الى جواز النيابة عن المجني عليه في تقديم الشكوى، فاذا ما عبر المجني عليه او وكيله الذى لديه وكالة خاصة برفع الشكوى او ولى أمره؛ اذا كان (قاصراً أو مجنوناً)، صراحة عن إرادته في تحريك الإجراءات الجنائية، فإنه لا يلزم ان يستخدم تعبير الشكوى، حيث لم يشترط المنظم السعودي شكلاً معيناً في الشكوى.
الشروط المتعلقة بمن تقدم الشكوى ضده (المشتكى عليه).
يشترط أن تقدم الشكوى ضد المسؤول جنائياً عن الجريمة، سواء كان فاعلاً لها، او شريكاً فيها، ويجب ان يكون المشتكى عليه محدداً معيناً بالذات، فلا تقدم الشكوى ضد مجهول، ويجوز تقديم الشكوى ضد شخص معين بوصفه، وفى حال تعدد المتهمين، فإن تقديم الشكوى ضد أحدهم يكفي لتحريك الدعوى ضدهم، فتعتبر الدعوى مقدمة ضد الجميع، لأن الشكوى لا يجوز تجزئتها في الواقعة الواحدة.
يشترط لصحة الشكوى أن يتم تقديمها الى الجهة التي حدده النظام، ولقد حدد نظام الإجراءات الجزائية في المادة (17) منه على " لا تجوز إقامة الدعوى الجزائية أو إجراء التحقيق في الجرائم الواجب فيها حق خاص للأفراد إلا بناءً على شكوى من المجني عليه، أو ممَنْ ينوب عنه، أو وارثه من بعده إلى الجهة المختصة؛ إلا إذا رأت هيئة التحقيق والادعاء العام مصلحة عامة في رفع الدعوى والتحقيق في هذه الجرائم."
اذن يتضح من خلال ما سبق ان الجهة التي تقدم اليها الشكوى في النظام الإجرائي الجزائي السعودي، هي هيئة التحقيق والادعاء العام، والتي أصبحت تسمى " النيابة العامة " بموجب المرسوم الملكي رقم (م/125) وتاريخ 14/9/1444 هجرياً.
ثالثاً: - حالات الشكوى.
لم يحدد نظام الإجراءات الجزائية الجرائم التي يشترط تحريك الدعوى الجزائية فيها، ولكنه وضع ضابطاً وهو كون القضية محل الدعوى يجب فيها حق خاص، كما نص في المادة (17) منه.
والهدف من هذا هو تحقيق غاية جديرة بالرعاية أكثر من توقيع العقاب على المجرم، وهي غاية الحرص على الأواصر العائلية في حالة الجرائم التي تقع داخل الاسرة، وإتاحة الوقت للتصالح بين الفاعل والمجني عليه، كما في جرائم السب والقذف.
ولقد قيدت تلك المادة الحق في إقامة دعوى جماعية في بعض الحالات، تقديراً للمجني عليه، فلا يجوز رفع الدعوى أو اتخاذ اجراء فيها الا بناءً على شكواه، ومن الطبيعي ان يجيز العدول عن تلك الشكوى إذا رأى مصلحة في ذلك.
رابعاً: - النتائج المترتبة على الشكوى.
يترتب على التقدم بالشكوى أن يرتد الى النيابة العامة حقها في تحريك الدعوى ورفعها على المتهم، ولها أن تباشر جميع إجراءات التحقيق ورفع الدعوى دون ان تكون مقيدة، ولها أن تتصرف في التحقيق ورفع الدعوى كما تشاء وكما يتراءى لها، فهي غير ملزمة بتحريك الدعوى او رفعها، ولها ان تصدر امراً بحفظ الأوراق إذا رات انه لا محل للسير في الدعوى، ولها أن تصدر أمراً بعدم وجه لإقامة الدعوى لعدم كفاءة الأدلة أو لان الواقعة غير معاقب عليها.
ولقد تضمنت الفقرة الأخيرة من المادة (17) استثناء من شرط تقديم الشوى من المجني عليه في الجرائم التي فيها حق خاص، في حالة إذا رات النيابة العامة مصلحة عامة في رفع الدعوى والتحقيق فيها، وقد اعطى النظام النيابة حق تقدير المصلحة العامة لأنها هي الجهة النائبة عن المجتمع والممثلة له.
خامساً: - أمثلة توضيحية على الشكوى.
الخاتمة: -
لقد تم خلال المقال بيان الشكوى كإحدى القيود الواردة على تحريك النيابة العامة للدعوى الجزائية ، وفى منصة محاكمة يوجد شرح مفصل لنظام الإجراءات الجزائية، وتعد شركة التميمي والحمودي للمحاماة وإدارة إجراءات الإفلاس تجمع خبرات قانونية تزيد على العشر سنوات كما أن مؤسسي الشركة من الحاصلين على رخصة المحاماة من وزارة العدل بالمملكة العربية السعودية، ولديها خبرة مميزة في القضايا الجزائية ، حيث تضمن لكم الشركة حصولكم على الخدمات القانونية بجودة عالية وأداء احترافي ويتميز بتبليغك بتقاريرك في الوقت المحدد واطلاعك على التفاصيل أول بأول مع إدارة مشاريعك القانونية إلكترونيا.
المصدر: -
شرح نظام الإجراءات الجزائية (المجلد الأول)، نظام الإجراءات الجزائية، منصة محاكمة، 29 مايو 2024م، صفحة (111 إلى 114).