التنظيم القانوني لتوزيع الأرباح في الشركات في المملكة العربية السعودية.

المقدمة: -

تعد مشاركة الشركاء في اقتسام الأرباح والخسائر هي أحد الأركان الموضوعية الخاصة للشركة، وهو العنصر الذي يميز الشركة عن الجمعية، ففي تعريف المنظم السعودي للشركة في المادة الثانية من نظام الشركات وضح إنها (..... لاقتسام ما ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة...) وعلى هذا الأساس لا يجوز أن يتفق في عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي على حرمان أحد الشركاء من الربح أو أعفائه من الخسارة، وخلال هذا المقال سنوضح كيفية توزيع الارباح في الشركات طبقاً لنظام الشركات الجديد في المملكة العربية السعودية.

اولاً: - توزيع الأرباح في الشركة.

نصت المادة (22/1) من نظام الشركات على:

  1. يجوز توزيع أرباح سنوية أو مرحلية من الأرباح القابلة للتوزيع على الشركاء أو المساهمين في شركات المساهمة والمساهمة المبسطة وذات المسؤولية المحدودة.
  2. إذا وزعت أرباح على الشركاء أو المساهمين بالمخالفة لحكم الفقرة (1) من هذه المادة، جاز لدائني الشركة مطالبتها، وللشركة مطالبة كل شريك أو مساهم -ولو كان حسن النية- برد ما قبضه منها.
  3. لا يُلزم الشريك أو المساهم برد الأرباح التي وزعت عليه وفقًا لأحكام الفقرة (1) من هذه المادة ولو مُنيت الشركة بخسائر في الفترات التالية.
  4.   تحدد اللوائح الضوابط اللازمة لتنفيذ ما ورد في هذه المادة

وتعرف الأرباح بإنها هي مقدار المكسب المالي وهي الفرق بين الأموال المكتسبة والأموال المصروفة، وإن الأرباح التي يتم توزيعها على الشركاء هي المبالغ التي تكون نتيجة القيام بأعمال الشركة وذلك بعد خصم المصروفات والتكاليف ولقد نصت المادة السابقة على عدة أنواع للأرباح كالتالي: -

  1. الأرباح السنوية: هي الأرباح التي تحققها الشركة خلال فترة سنة مالية كاملة، والتي يتم توزيعها على الشركاء أو المساهمين في نهاية كل سنة مالية.
  2.  الأرباح المرحلية: هي الأرباح التي يتم توزيعها على الشركاء أو المساهمين خلال فترات زمنية قصيرة بشكل ربع ونصف سنوي بدلاً من انتظار نهاية السنة المالية لتوزيع الأرباح السنوية، وهذ النوع من التوزيع يساعد في تقديم عائد دوري للمساهمين وتحسين التدفقات النقدية للشركاء والمساهمين.
  3. الأرباح القابلة للتوزيع: هي الأرباح التي يمكن توزيعها على المساهمين بعد استيفاء التزامات الشركة والاحتياجات اللأزمة للمستقبل وفقاً لأحكام القانون ولوائح السوق المالية.

يعد توزيع الأرباح على الشركاء أحد أهم الأمور التي يولونها اهتمام بالغ عند بدء تأسيس الشركة حيث هي جوهر الشركة، والأرباح تشكل الهدف الرئيسي لتأسيس الشركة، ولذلك السبب أولى المشرع السعودي اهتماماً بوضع ضوابط تنظيمية ضمن نظام الشركات الجديد لضمان كيفية توزيع الأرباح على الشركاء، ويأتي ذلك لأن توزيع الأرباح يعد حزءاً أساسياً من عقد تأسيس الشركة، ويهدف الى تفادي النزاعات بين الشركاء، فنجاح الشركة في سياسة توزيع الأرباح يعكس وضعها المالي، ويسهم في استمراريتها ونجاحها المستقبلي.

إن الأرباح التي يتم توزيعها على الشركاء والمساهمين هي المبالغ التي تكون نتيجة القيام بأعمال الشركة وذلك بعد خصم جميع المصروفات والتكاليف، أي صافي الأرباح التي يتم تحقيقها بعد خصم الضرائب والمصروفات والاحتياطات ولقد أجاز المنظم السعودي لشركات المساهمة والمساهمة المبسطة وذات المسؤولية المحدودة توزيع أرباحها على الشركاء أو المساهمين بطريقتين: -

  1. أرباح سنوية على دفعة واحدة وفق موعد محدد.
  2. أرباح مرحلية أي يتم تقسيطها على دفعات وفق موعد متفق عليه بين الشركاء.

ولا يجوز للشركة مخالفة توزيه الأرباح السنوية والمرحلية على الشركاء أو المساهمين ولدائني الشركة الحق في مطالبتها عند الخالفة وعندها تلجأ الشركة الى إعادة الأرباح التي وزعتها على الشريك أو المساهم، ولو كان حسن النية، ومن ناحية أخرى؛ فالشريك أو المساهم غير ملزمين برد الأرباح التي وزعت عليهم بطريقة صحيحة وقانونية ولو وقعت الشركة بخسائر بفترات لاحقة.

ثانياً: -ضوابط توزيع الأرباح.

لقد حددت اللائحة التنفيذية لنظام الشركات في المادة العاشرة منها الضوابط الخاصة بتوزيع الأرباح، والتي يجب على الشركة التقيد بها وهي كالتالي: -

1.     صدور تفويض صادر من الشركاء أو المساهمين أو الجمعية العامة لمدير الشركة أو مجلس إداراتها من أجل توزيع أرباح مرحلية توزع عليهم بموجب قرار يصدر سنوياً.

2.     أن تتوفر لدى الشركة سيولة معقولة أي الأصول المستثمرة التي يمكن تحويلها بسرعة ويسر الى نقد بدون خسارة او بخسارة يسيرة في قيمتها، ويمكن ان تكون الأصول المستثمرة سهلة التسييل إذا كان من الممكن بيعها وشرائها بسهولة، وبالإضافة الى نظرة الشركة على أدائها العملي ومستوى الأرباح التي تتوقعها كسبها.

3.     من المهم أن تكون الأرباح المراد توزيعها متاحة، وهذا معناه أن الشركة يجب أن يكون لديها أرباح في القوائم المالية الأخيرة لها والتي تكفي تغطية هذا التوزيع، فبعد أن يتم حسم الأموال المستخدمة لتوزيع الأرباح والضرائب والاحتياطات اللازمة، فيجب أن تظل أرباح الشركة بعد توزيع تلك القوائم كافية لتوزيع الأرباح المقترحة، وهذا يحمي مصالح المساهمين، بحيث يضمن أن الشركة لن تقوم بتوزيع أرباح تتجاوز قدرتها على تحقيق مستويات مستقبلية من الأرباح.

4.     لقد حدد المنظم مكونات الأرباح القابلة للتوزيع وتتكون من عدة عناصر كالتالي: -

أ‌.       الأرباح المبقاة، وهي الرصيد الذي تراكم في الشركة من الأرباح على مدى السنوات السابقة ولم يتم توزيعها بعد، ويظهر ذا الرصيد في قائمة المركز المالي الذي يعكس الوضع المالي للشركة في نهاية الفترة المالية السابقة.

ب‌.   الاحتياطيات القابلة للتوزيع، وهي الأموال التي يتم تخصيصها من الأرباح لتلبية احتياجات محددة أو لتعزيز القدرة التنافسية للشركة، ولكن يمكن توزيعها في حال رات الشركة ضرورة لذلك، بحيث تتحدد مصدر الأموال التي يمكن أن تستخدم لتوزيع الأرباح على المساهمين أو الشركاء.

5.     إن الاحتياطيات التي يمكن توزيعها تشكل ايضاً الاحتياطيات التي تأتي من الأرباح ولم يتم تخصيصها لأغراض محددة، او التي يتم تخصيصها لغرض معين، ولكن تم إلغاء هذا الغرض، بمعنى آخر؛ إذا كانت هناك أرباح تم تحديدها ولم يتم استخدامها لغرض معين أو تم الغاء الغرض التي كونت من أجبه، فإنه يمكن أن تعتبر جزءًا من الاحتياطيات القابلة للتوزيع التي يمكن توزيعها على المساهمين والشركاء.

ثالثاً: - أمثلة تطبيقه على توزيع الأرباح في الشركات.

توزيع أرباح شركة تكنولوجية ناشئة: إن الشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا، قد تقرر الشركة توزيع أرباح مرحلية بناءً على التقدم والنجاحات التي تحققت خلال الربع الأول أو النصف الأول من السنة المالية، على سبيل المثال، إذا تم التوقيع على عقود جديدة أو تحقيق إنجازات تقنية ملحوظة، فقد تقرر الشركة توزيع جزء من الأرباح على المساهمين لمكافأتهم على تلك الإنجازات.

توزيع أرباح شركة عقارية: قد تقرر الشركة توزيع أرباح مرحلية بناءً على الإيرادات التي تحققت خلال الربع الأول أو النصف الأول من السنة المالية، على سبيل المثال، إذا تم تأجير عدد كبير من العقارات وتحقيق إيرادات ملحوظة خلال الفترة الأولى من السنة المالية، قد تقرر الشركة توزيع جزء من هذه الأرباح على المساهمين.

الخاتمة: -

من المعلوم ان سبب أقبال الشريك على الدخول والمشاركة في تأسيس شركة هو سبب حصوله على نسبة من الأرباح التي تحققها الشركة ، ولهذا فلقد نظم نظام الشركات الجديد ولائحته التنفيذية ، كل ما يخص سياسة توزيع الأرباح على الشركاء في الشركة، ولقد تم خلال المقال بيان التنظيم القانوني لذلك، وفي منصة محاكمة يوجد شرحاً كاملاً لنظام الشركات الجديد في المملكة العربية السعودية، حيث يوجد مجلد يشرح نظام الشركات من المادة الأولى الى المادة الرابعة والثلاثون، والمجلد الثاني يشرح نظام الشركات من المادة الخامسة والثلاثون إلى المادة السابعة والخمسون، وبالإضافة إلى أنه يوجد شرح آخر لنظام الشركات من المادة الأولى الى المادة سبعون.

 

المصدر: -

·      شرح نظام الشركات (الجزء الأول من المادة الأولى الى المادة السبعون)، الشرح الثاني لنظام الشركات، قسم نظام الشركات، منصة محاكمة26 يوليو 2024م، ص (164)

·      شرح نظام الشركات الجزء الأول من المادة (الأولى الى الرابعة والثلاثون)، قسم نظام الشركات، منصة محاكمة، 11 يوليو 2024م، ص (101- 109)

·      نظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/132) بتاريخ 1/12/1443 هجرياً.

·      اللائحة التنفيذية لنظام الشركات الصادرة بقرار وزير التجارة رقم (284) بتاريخ 23/6//1444 هجرياً.

 

التعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول لكي تتمكن من إضافة تعليق تسجيل الدخول