المقدمة: -
تعد النفقة من الفروض التي يطرأ عليها التغيير والتبديل فقد تزيد أو تنقص طبقاُ للأحوال والظروف المختلفة ولقد وضح نظام الأحوال الشخصية إنه يجوز زيادة أو نقصان النفقة، وبالإضافة الى إنه يجوز رفع دعوى بذلك، ولكن طبقاً لشروط محددة، وسيتم خلال المقال بيان التنظيم القانوني لدعوى زيادة أو إنقاص النفقة في نظام الأحوال الشخصية.
اولاً: - زيادة أو إنقاص النفقة في النظام.
لقد نصت المادة (48) الفقرة الأولى من نظام الأحوال الشخصية على إنه مع مراعاة ما تقضي به المادة (السادسة والأربعون) من هذا النظام، يجوز زيادة النفقة أو إنقاصها تبعاً لتغير الأحوال.
لقد وضعت المادة (46) من النظام ضابطين لأجل مراعاة تقدير النفقة وهما حال المنفق عليه وسعة المنفق، ولما كانت الأحوال الخاصة بالمنفق عليه والقائم بالإنفاق متغيرة ويطرأ عليها اليسر والعسر، فلقد قررت الفقرة لأنه على الرغم من صدور حكم مقدر لمبلغ معين للنفقة إلا أنه يجوز زيادة النفقة أو إنقاصها تبعاً لتغير الأحوال، فإذا تغير حال القائم بالإنفاق باليسر وزادت احتياجات المنفق عليه يتم زيادة النفقة المقررة، وإذا تغير حال القائم بالإنفاق بالعصر فإنه يتم إنقاص النفقة المقررة.
ومن المقرر فقهاً وقضاءً على أن النفقة من الفروض التي يطرأ عليها التغيير والتبديل بتغير أحوال وظروف دواعيها فقد يطرأ على أحوال الزوج المالية زيادة أو نقصان كما تتغير الأسعار والقوة الشرائية للنقود وتزيد الحاجات والمطالب، والنفقة قد تفرض اتفاقاً أو قضاءً، والقاعدة هي أن المفروض اتفاقاً كالمفروض قضاءً.
ثانياً: - دعوى زيادة أو إنقاص النفقة.
لقد نصت الفقرة الثانية من المادة (48) على إنه لا تُسمع دعوى زيادة النفقة أو إنقاصها قبل مضي (سنة) من تاريخ صدور الحكم بالنفقة إلا في الظروف الاستثنائية التي تقدرها المحكمة.
ولقد وضعت الفقرة قيد زمني على حق المطالبة بزيادة النفقة أو إنقاصها، فلقد قررت عدم قبول سماع دعوى الزيادة أو إنقاص النفقة المقررة بحكم قضائي قبل مضي سنة هجرية كاملة، فإذا أقيمت الدعوى قبل مرور سنة فإنها تكون غير مقبولة؛ لأن المدة المقررة ميعاد قانوني كامل، فلا يصح إقامة الدعوى إلا بعد مرور فترة السنة كاملة، وثم يتم بعد ذلك رفع دعوى الزيادة أو الإنقاص.
في الظروف الاستثنائية التي تقدرها المحكمة يجوز إقامة دعوى الزيادة أو الإنقاص إذا طرأ يسار جديد على القائم بالإنفاق، أو طرأ ضرورة وظروف طارئة على المنفق عليه يحتاج معها إلى زياد النفقة المقررة.
ولكن لا يسرى حكم تلك الفقرة على النفقات الاتفاقية التي يتم إبرامها بين الطرفين دون صدور حكم قضائي بالإلزام بها.
ولقد نصت الفقرة الثالثة من ذات المادة على إنه تُحسَب زيادة النفقة أو نقصانها اعتباراً من تاريخ صدور الحكم، ولقد قررت تلك الفقرة ضابط زمني جديد؛ وهو تاريخ احتساب الزيادة أو الإنقاص على النفقة المقضي بها، فاعتبرت تاريخ صدور الحكم هو ضابط احتساب زيادة أو نقصان النفقة، ولم تعتبر تاريخ المطالبة بالزيادة أو الإنقاص.
ثالثاً: - النفقة تعد ديناً.
نصت المادة (48) من النظام على إنه (تستحق النفقة المستمرة للزوجة والأولاد والوالدين من تاريخ إقامة الدعوى للمطالبة بها، وتعد ديناً ممتازاً يقدم على سائر الديون بخلاف النفقة الماضية، فتخضع إلى حكم باقي الديون.)
لقد قررت تلك المادة إن النفقة التي يتم الحكم بها بشكل مستمر-بخلاف النفقة المؤقتة- سواء كان نفقة للزوجة أو نفقة للأولاد، أو نفقة للوالدين، فلقد قررت المادة أن ضابط احتسابها يبدأ من تاريخ إقامة الدعوى، فلا يصح المطالبة من الأولاد أو الوالدين بنفقة سابقة عن تاريخ إقامة الدعوى، وذلك بخلاف الزوجة التي يحق لها بضوابط زمنية.
إن النفقة المستمرة المحكوم بها تعد ديناً ممتاز يقدم على سائر الديون بخلاف النفقة الماضية، آي إنها تعطي للمحكوم لها به أسبقية في اقتضائها قبل أصحاب الديون العادية، وصفة الامتياز لا تثبت إلا بنص النظام، وهو الامر الذي ثبت بنص تلك المادة لكل من: -
1. نفقة الزوجة المستمر المحكوم بها من تاريخ إقامة الدعوى تعد ديناً ممتاز، أما ما يتم الحكم به من نفقة مؤقتة للزوجة لحين الحكم بالنفقة المستمرة، وما يتم الحكم به من نفقة عن فترة امتناع سابقة عن تاريخ إقامة الدعوى يعد من الديون العادية ولا تعتبر من الديون الممتازة.
2. نفقة الأولاد المستمرة المحكوم بها من تاريخ إقامة الدعوى تعد ديناً ممتازاً.
3. نفقة الوالدين المستمرة المحكوم بها من تاريخ إقامة الدعوى تعد ديناً ممتازاً.
الخاتمة: -
يعد عقد الزواج من أقدس العقود في الشريعة الإسلامية ويرتب العديد من الآثار، والنفقة من أهم آثاره التي تثبت بعد الدخول، ولقد نظم نظام الأحوال الشخصية الجديد الأحكام القانونية الخاصة باستحقاق النفقة، ولقد تم في المقال توضيح دعوى زيادة أو إنقاص النفقة بالتفصيل، وفي منصة محاكمة يوجد شرح كامل لنظام الأحوال الشخصية يمكن الاطلاع عليه والاستفادة منه.
المصادر: -
شرح نظام الأحوال الشخصية (الجزء الأول من المادة الأولى الى المادة الثالثة والأربعين)، قسم نظام الأحوال الشخصية، منصة محاكمة، 30 يونيو 2024م، ص (14 إلى 18)
نظام الأحوال الشخصية الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/73) بتاريخ 6/8/1443 هجرياً.