دور أميـــــن الإفــــــــلاس في إجـــــــــراء إعادة التنظيــــــم المـــــــــالي وفقاً لنظام الإفلاس بالمملكــــة العربيــــــة السعوديــــــــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ..
في لحظة التأمل في مدارس الفكر القانوني ومن خلال التأمل في أفكار وفلسفة مذاهب الفكر القانوني نجد أن مذهب التطور التاريخي يقوم على مبدأين؛
أولاً : أنه لا يوجد قانون طبيعي عام ثابت لا يتغير بل القانون متغير يتطور وفقاً لحاجات كل أمة.
ثانيـاً: ما دام أن القانون هو خلق البيئة وثمرة التطور فإن نموه يكون على نحو غير محسوس فهو منبعث من ضمير الأمة والمجتمع فهو يتطور ولا يطور، فنجده يتجسد من خلال تطور التشريعات ومنها قوانين الإفلاس.
وتعتبر قوانين الإفلاس من أهم الأدوات التي تساهم في الحفاظ على استقرار الاقتصاد وتوفير بيئة أعمال صحية؛ فهي تلعب دوراً حيوياً في التعامل مع الشركات المتعثرة مالياً، وتساعد على تجنب الإفلاس الكامل وتصفية الأصول؛ مما يحافظ على فرص العمل والاستثمارات.
كما تعد قوانين الإفلاس جزءاً لا يتجزأ من منظومة القوانين التجارية التي تهدف إلى تنظيم الحياة التجارية في أي مجتمع، وقد مرت قوانين الإفلاس بمراحل مختلفة وفلسفات متباينة، فكانت البداية باعتبار أن الإفلاس جزءاً من منظومة عقابية تهدف إلى معاقبة المفلس، واستبعاده من المجتمع التجاري إلى أن أصبح ذا طبيعة علاجية يهدف إلى مساعدة المفلس حسن النية والمساهمة في إنقاذ والمحافظة على تجارته، حيث أثبتت الفلسفة العقابية لقوانين الإفلاس عدم جدواها الاقتصادية وعدم عدالتها الإنسانية ، خاصة مع المتعثرين حسني النية؛ ولذا وتأكيداً عل رغبة قوانين الإفلاس الحديثة في تحقيق مصلحتي الدائن والمدين على حد سواء.
ومن خلال نظام الإفلاس الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم (م/50) وتاريخ 1439/5/28هـ والمنشور بتاريخ 1439/5/28هـ الموافق 14/02/2018 م؛ فقد استحدق المنظم السعودي آلية إعادة التنظيم المالي حتى تتوقى الشركات من إشهار الإفلاس إذ بات تجنب إفلاس المشاريع التجارية فلسفة حديثة غيرت من نظرة الفقه التقليدي للإفلاس.
واحتوى نظام الإفلاس بناءً على المادة الثانية على سبعة إجراءات وهي:
1- التسوية الوقائية.
2- إعادة التنظيم المالي.
3- التصفية.
4- التسوية الوقائية لصغار المدينين.
5- إعادة التنظيم المالي لصغار المدينين.
6- التصفية لصغار المدينين.
7- التصفية الإدارية.
ونستعرض في هذا المقال دراسة دور أمين الإفلاس في إجراء التنظيم المالي وفقاً لنظام الإفلاس بالمملكة العربية السعودية لما لدور الأمين من تأثير محوري وإيجابي في نجاح الإجراء وتحقيق الأهداف التي من أجلها شرع نظام الإفلاس؛
إذ تضمنت المادة الخامسة من النظام على ما نصه:
" تهدف إجراءات الإفلاس إلى الآتي:
أ - تمكين المدين المفلس أو المتعثر أو الذي يتوقع أن يعاني من اضطراب أوضاعه المالية من الاستفادة من إجراءات الإفلاس، لتنظيم أوضاعه المالية ولمعاودة نشاطه والإسهام في دعم الاقتصاد وتنميته.
ب - مراعاة حقوق الدائنين على نحو عادل وضمان المعاملة العادلة لهم.
ج - تعظيم قيمة أصول التفليسة والبيع المنتظم لها وضمان التوزيع العادل لحصيلته على الدائنين عند التصفية.
د - خفض تكلفة الإجراءات ومددها وزيادة فعاليتها وبخاصة في إعادة ترتيب أوضاع المدين الصغير أو بيع أصول التفليسة وتوزيعها على الدائنين على نحو عادل خلال مدة محددة."
إن الهدف الرئيسي من وضع نظام الإفلاس هذا في المملكة العربية السعودية هو المحافظة على الوضع الاقتصادي والرفع منه ونظام الإفلاس في السعودية، هو مجموع القواعد القانونية والإجرائية المنظمة لوضع الكيانات الاعتبارية والطبيعية بعد تعثر وضعها المالي، وإحالتها للمحكمة التجارية بهدف اتخاذ عدة إجراءات قانونية لإصلاح الوضع المالي للشركة أو إنهائها في حال استنزافها بالديون، وذلك بصورة نهائية ببيع أصول الشركة وتحصيل الأموال لدفع ديونه ويمكن تلخيص فكرة إجراء إعادة التنظيم المالي في كونه رحلة قضائية تبدأ من حكم المحكمة بافتتاح الإجراء بعد التحقق من استيفاء جميع المتطلبات النظامية وتتضمن مجموعة من الممكنات التي تساعد المدين على التوصل لاتفاق مع دائنين على إعادة تنظيمه المالي إذ أشبه ما تكون إلى نقل المدين إلى عناية مركزة حتى يتم معالجته من تجاوز حالة التعثر المالي الذي يمر به.
يقصد بإجراء إعادة التنظيم المالي وفق ما جاء في نظام الإفلاس:
إجراء يهدف إلى تيسير توصل المدين إلى اتفاق مع دائنيه على إعادة التنظيم المالي لنشاطه تحت إشراف أمين إعادة التنظيم المالي.
فهي تتمثل في الإجراءات التي يكون غرضها النهائي تمكين الشركة المتعثرة من التغلب على ما تعانيه من صعوبات مالية وإدارية ومواصلة نشاطها المعتاد وتفادي الإفلاس وأن تقوم تلك الإجراءات بالوفاء بما عليها من ديون والتزامات.
فإجراء إعاده التنظيم المالي هو عبارة عن رحلة تتضمن عدة إجراءات قانونية تحت إشراف المحكمة التجارية تساهم في تيسير توصل المدين مع دائنيه لاتفاق على إعادة هيكلة ديونه ومساعده المدين المتعثر مالياً على تجنب الإفلاس الكامل والعودة الى مسار الاستدامة.
وتؤثر هذه الإجراءات في الاقتصاد بحيث تساهم في الحفاظ على فرص العمل وحماية حقوق الدائنين وتحقيق الاستقرار المالي.
وتكمن أهمية إجراء إعادة تنظيم المالي من خلال مساعدة المدين على تجاوز تعثره المالي فهو يمنع المدين من الإفلاس والتصفية ومنحه فرصة للتعافي بدلاً من اللجوء إلى التصفية ومن خلال الحفاظ على استمرارية أعمال الشركات يتم الحفاظ على فرص عمل الموظفين وتقليل معدل البطالة كما يعطي إجراء التنظيم المالي حماية لحقوق الدائنين من حيث تحسين فرص استرداد الديون من خلال إعادة هيكلة الديون فيزداد احتمال استرداد الدائنين لحقوقهم بشكل كامل أو جزئي ففيما لو لجأ المدين إلى التصفية فسيكون احتمال استرداد الدائنين لديونهم بنسبه إقل مما لو أعطي المدين فرصة الاستمرار بالنشاط وسداد الديون.
فإجراء إعادة التنظيم المالي هو رحلة إجرائية تبدأ من تقديم الطلب للمحكمة التجارية وللمدين أو الدائن التقدم إلى المحكمة بطلب افتتاح إجراء إعادة التنظيم المالي للمدين إذا كان من المرجح أن يعاني من اضطرابات مالية يخشى معها تعثره، أو إذا كان متعثراً، أو إذا كان مفلساً.
وإذا كان الطلب مقدم من المدين؛ فيجب أن يتضمن طلبه جميع المتطلبات النظامية لتقديم طلب افتتاح الإجراء والذي هو عبارة عن:
إفصاح كامل عن نشاط المدين ووضعه المالي ودائنيه وأصوله مما يمكن المحكمة من معرفة حال المدين بشكل واضح وشفاف وفي حال رأت المحكمة أن طلب المدين أو الدائن مكتمل من الناحية الشكلية والموضوعية فإنها تحكم بافتتاح الإجراء والحكم بافتتاح الإجراء يعني بداية رحلة إجراء إعادة التنظيم المالي والاستفادة من الممكنات النظامية للمدين.
فإنه يترتب على قيد طلب إجراء إعاده التنظيم المالي في المحكمة تعليق المطالبات على المدين ويقصد بتعليق المطالبات:
تعليق الحق في اتخاذ أو استكمال أي إجراء أو تصرف أو دعوى تجاه المدين أو أصوله أو الضامن لدين المدين، خلال فترة محددة وفقاً لأحكام النظام. وتكون مدة تعليق مطالبات 180 يوم ويمكن تمديدها إلى 180 يوم أخرى. وتكمن أهمية تعليق المطالبات في إعطاء المدين نوبة للتنفس وفك الخناق عنه ليتمكن من ترتيب بيته الداخلي وكما توقفت إجراءات التنفيذ على أصوله التي قد تكون سبب في استنزافه وتعثره المالي، فإن رفع القضايا المتتالية وطلبات التنفيذ ضد الشركة المتعثرة يؤدي إلى تفاقم وضعها المالي وزيادة الضغوط عليها، مما قد يؤدي إلى تعجيل إفلاسها.
لذا، فإن تعليق المطالبات يساهم في وقف هذا النزيف المالي ويمنح الشركة فرصة للتعافي.
كما أن تعليق المطالبات يخلق بيئة مستقرة لإدارة المدين للعمل على وضع خطة إعادة التنظيم وتنفيذها دون تدخلات وضغوط خارجية من أحد الدائنين، كما يؤدي تعليق المطالبات إلى ضمان معاملة عادلة لجميع الدائنين؛ حيث يتم التعامل مع جميع المطالبات بشكل موحد وفقًا لإجراءات إعادة التنظيم. كما يسهل تعليق المطالبات عملية التفاوض بين المدين والدائنين للتوصل إلى اتفاق حول إعادة هيكلة الديون.
فإنه بعد افتتاح الإجراء وتعيين إمين إفلاس مشرف على الإجراء يلتزم المدين بتقديم قائمة تفصيليه بعقوده السارية للأمين مرافقاً لها نسخ من تلك العقود وتقرير يتضمن ما يرغب في استمراره منها او إنهائه ومسوغات ذلك وللأمين أن يصدر خلال 60 يوم من افتتاح الإجراء قرار منها أي عقد للمدين إذا كان إنهائه لازم لتنفيذ المقترح بعد التصديق عليه وحماية مصالح أغلبيه الدائنين.
يعد إعداد المقترح من أهم الممكنات الموجودة في نظام الإفلاس في إجراء إعاده تنظيم مالي للمدين وتكمن أهميته في عدم اشتراط المنظم موافقة جميع الدائنين عليه ليكون ملزماً للجميع وإنما حدد المنظم نصاباً فيما لو تحقق يعد المقترح ملزماً للمدين والدائنين بعد مصادقه المحكمة عليه وذلك في حالتين أن توافق جميع الفئات الدائنين وتعدل فيها موافقة فيما لو صوت دائنون تمثل مطالباتهم ثلثي قيمة الديون من الفئه والحالة الثانية أن تصوت بالموافقة فئه واحدة على الأقل من الفئات وصوت بالموافقة على المقترح دائنون تمثل مطالباتهم 50% على الأقل من مجموع قيمة مطالبات الدائنين المصوتين في جميع الفئات.
يترتب على افتتاح إجراء إعادة التنظيم المالي عدة آثار قانونية ومنها:
1- تعيين المحكمة أميناً للإجراء لتولي إدارة الإجراء والإشراف على نشاط المدين، وللأمين دور محوري في إجراء إعادة التنظيم المالي إذ يترتب على تعيينه مسؤوليته والتزامه بعدة أمور سيتم ذكرها في المبحث الثاني فإن دوره يتركز في استقبال قائمة المطالبات وإعداد قائمة المطالبات والإشراف على نشاط المدين.
2- تعليق المطالبات والدعاوى خلال المدة المنصوص عليها في النظام وهي 180 يوم ويمكن تمديدها إلى 180 يوم أخرى.
3- الإشراف القضائي: يخضع المدين لإشراف قضائي من خلال الأمين المعين من المحكمة الذي يتولى مهام الإشراف على إدارة أعمال المدين ومتابعة التزام المدين بإعداد المقترح وغيرها من الالتزامات.
4- إعداد المقترح: يلتزم المدين بإعداد المقترح لإعادة تنظيم أعماله المالية تتضمن جدولة ديونه وآليات سدادها، وتقديمها إلى الدائنين للموافقة عليها.
5- يعفى المدين أو المالك أو المدير أو المسؤول أو عضو مجلس الإدارة أو مراجع الحسابات من تطبيق أحكام نظام الشركات فيما يخص بلوغ خسائر الشركة.
6- جرد أصول المدين من قبل الأمين.
7- فحص عقود المدين من قبل الأمين والنظر في إنهائها إن تطلب الأمر ذلك.
8- حماية النشاط: والتي تلزم المدين بعدم اتخاذ أي من التصرفات المعنية إلا بعد الحصول على موافقة مكتوبة من الأمين والتي منها:
· إعداد وتنفيذ خطة إعادة التنظيم: بما في ذلك دعوة الدائنين للتصويت عليها.
· التمويل: الحصول على أي تمويل جديد.
· سداد الديون: سداد أي ديون حالّة أو لم تحلّ آجالها.
· التأمين: إبرام أي عقد تأمين جديد.
· الإيجار: إخلاء أي من الأصول المؤجرة أو إبرام عقود إيجار جديدة.
· التسويات: إبرام أي اتفاقيات تسوية مع الدائنين.
· الضمانات: تقديم أو تجديد أي ضمانات للغير.
· تغيير المقر: تغيير أي مقر أو مكتب مسجل للمدين.
· التصويت على مقترحات إعادة التنظيم: لأي من مدينيّ المدين.
· الاستشارات: الحصول على خدمات استشارية قانونية أو محاسبية.
· الدعاوى القضائية: إقامة أي دعاوى قضائية أو الترافع فيها.
· تأسيس الشركات: تأسيس شركات تابعة أو شراء حصص في شركات أخرى.
· نقل الملكية: نقل ملكية أي من أعمال أو أصول المدين.
· إنهاء إجراء إعادة التنظيم: طلب إنهاء إجراء إعادة التنظيم المالي.
تعين المحكمة في حكمها بافتتاح إجراء إعادة التنظيم المالي أميناً من المدرجين بقائمة أمناء الإفلاس، ولمقدم طلب افتتاح الإجراء أن يقترح على المحكمة اسم الأمين الذي يرغب في تعيينه من بين المدرجين في القائمة، ويراعى عند تعيين الأمين قدراته المالية ومؤهلاته العلمية ومؤهلات فريق العمل معه، وعلى الأمين بذل العناية الواجبة تجاه مصالح الدائنين.
ورد تعريف الأمين أو أمين الإفلاس في نظام الإفلاس بأنه: من تعينه المحكمة أو مقدم الطلب -بحسب الأحوال- لأداء المهمات والواجبات المنوطة به بحسب نوع الإجراء، ويشمل ذلك أمين إعادة التنظيم المالي وأمين التصفية.
أمين الإفلاس هو شخصية قانونية معينة من قبل المحكمة للقيام بإدارة إجراءات الإفلاس لحساب المدين ودائنينه، ويتولى أمين الإفلاس مهام حاسمة في عملية إعادة هيكلة الشركات المتعثرة أو تصفيتها، وذلك وفقاً لما ينص عليه النظام.
ولأهمية دور الأمين في إجراءات الإفلاس فقد تضمنت قواعد السلوك المهني للأمناء والخبراء على عدة مبادئ يجب على الأمين الالتزام بها ومنها:
"يلتزم كل من الأمين والخبير بالمبادئ السلوكية الآتية:
أ. النزاهة؛ وذلك بأن يتسم العمل بالصدق والأمانة والبعد عن مواضع الشبهة والريبة، وألا يقترن اسمه بأي عمل يشوبه شيء من ذلك.
ب. الموضوعية؛ وذلك بأداء الأعمال والمهمات بمهنية، دون تعارض مصالح أو تأثر بضغوط خارجية أو تحيز إلى طرف أو بناء على افتراضات سابقة.
ج. الشفافية؛ وذلك باعتماد الوضوح في أداء الأعمال والمهمات وفي جميع العلاقات المهنية وفق الإجراءات النظامية.
د. السرية؛ وذلك بالحفاظ على خصوصية ما يطلع عليه من معلومات أو وثائق قبل التعيين وبعده، وعدم استعمالها لمصلحة شخصية حتى بعد إنهاء الإجراء، وعدم الإفصاح عنها للآخرين دون الحصول على إذن مكتوب من الجهة ذات الاختصاص، ما لم يكن الإفصاح بموجب نص نظامي أو حكم قضائي.
هـ. الكفاية المهنية وبذل العناية الواجبة؛ وذلك ببذل الجهد اللازم في أداء الأعمال والمهمات وفقًا للأحكام النظامية والمعايير المهنية."
على كاهل الأمين عدة التزامات في إجراء إعادة التنظيم المالي تبدأ منذ ترشيحه من قبل المحكمة وحتى انتهاء الإجراء:
يلتزم الأمين بالإفصاح عن علاقته بالمدين عند ترشيحه من قبل المحكمة إذ أنه مما جرى عليه العمل أن المحكمة عند اختيارها لأمين معين لتولي الإجراء فإنها تخاطبه عن طريق بريد وحدة الإفلاس بالمحكمة وتطلب منه الإفصاح عن علاقته بالمدين وذلك أنه لا يجوز أن يعين أميناً أو خبيراً كل من:
أ- دائن المدين أو زوجه أو صهره أو قريبه حتى الدرجة الرابعة.
ب- شريك المدين أو العامل لديه أو مراجع حساباته أو وكيله خلال السنتين السابقتين لافتتاح الإجراء.
يلتزم الأمين بعد تعيينه من قبل المحكمة بإيداع نسخة الحكم في سجل الإفلاس وذلك بتقديم الطلب للموقع الالكتروني للجنة الإفلاس.
يلتزم الأمين بالإعلان خلال (سبعة) أيام من تاريخ تعيينه عبر موقع لجنة الإفلاس عن حكم المحكمة بافتتاح إجراء إعادة التنظيم المالي، ويدعو الدائنين إلى تقديم مطالباتهم خلال مدة لا تزيد على (تسعين) يوماً من تاريخ الإعلان.
مما هو معلوم أن من المتطلبات النظامية على المدين عن تقديم طلب افتتاح إجراء إعادة التنظيم المالي تقديم لقائمة الدائنين وعلى المدين أن يسلم للأمين هذه القائمة حتى يتمكن الأمين من تبليغهم إذ أن من التزامات الأمين تبليغ الدائنين المعلومين لدى المدين.
يلتزم الأمين بالإشراف على نشاط المدين خلال فترة إجراء إعادة التنظيم المالي للتحقق من عدالة الإجراء وتنفيذ الخطة على الوجه المحدد بما يضمن سرعة الأداء وتوفير الحماية اللازمة لمصالح المتأثرين بالإجراء، وذلك وفقاً للأحكام الواردة في النظام، وكذلك للتحقق من سلامة إدارة المدين لنشاطه ومراقبة عملياته المالية.
كما يجب على الأمين عند أداء مهماته وصلاحياته التحلي بالأمانة والصدق.
على الأمين أن يفحص بعناية قائمة العقود والمعلومات والوثائق المقدمة إليه من المدين والتي تشمل قائمة تفصيلية بعقوده السارية وبياناتها مرافقاً لها نسخ من تلك العقود وتقرير يتضمن ما يرغب في استمراره منها أو إنهائه ومسوغات ذلك.
للأمين -بعد فحص قائمة عقود المدين والمعلومات والوثائق المقدمة إليه- أن يصدر خلال مدة أقصاها (ستين) يوماً من افتتاح إجراء إعادة التنظيم المالي، قراراً بإنهاء أي عقد للمدين إذا كان إنهاؤه لازماً لتنفيذ المقترح -بعد التصديق عليه- وحماية مصالح أغلبية الدائنين ولا يلحق ضرراً بالغاً بالمتعاقد مع المدين ولو نص العقد على خلاف ذلك، وأما إذا كان عقد إيجار للعقار الذي يمارس فيه المدين نشاطه فللأمين أن يصدر قراراً بإنهائه إذا كان ذلك لازماً لتنفيذ المقترح -بعد التصديق عليه- وحماية مصالح أغلبية الدائنين، ولو نص العقد على خلاف ذلك.
ويجب على الأمين أن يبلغ المتعاقد مع المدين بقراره كتابةً، ويعد العقد منقضياً بعد مضي (تسعين) يوماً من تاريخ التبليغ ما لم ينص العقد على مدة أقصر.
وهنا معيار مهم جداً في قرار الأمين وهو من الالتزامات العامة للأمين وهي: أنه على الأمين بذل العناية الواجبة تجاه مصالح الدائنين.
على الأمين أن يعد قائمة جرد لأصول التفليسة تشتمل على تفاصيل أصول التفليسة وأي ضمانة مقررة عليها، وبيان ما يحوزه المدين من هذه الأصول وما يكون منها محلاً لدعوى من الغير وعلى الأمين تزويد المحكمة بنسخة منها.
بعد دعوى الأمين الدائنين لتقديم مطالباتهم له يقوم الأمين باستقبال مطالبات الدائنين ودراستها والتوصية فيها؛ فيعد الأمين قائمة بمطالبات الدائنين بناءً على المعلومات المقدمة إليه ويقدمها إلى المحكمة خلال (أربعة عشر) يوماً من تاريخ انتهاء المدة المحددة لتقديم المطالبات لاعتمادها، ويجب أن تتضمن القائمة ما يأتي:
أ- عنوان كل دائن ومبلغ مطالبته.
ب- تحديد الدائنين المضمونين وتفاصيل الضمانات المقدمة إليهم وتقديراً لقيمة الأصول محل هذه الضمانات.
ج- الديون القابلة للمقاصة.
د- توصيته بشأن كل مطالبة مقدمة إليه بالقبول أو الرفض أو العرض على خبير.
كما على الأمين خلال (خمسة) أيام من تاريخ تقديم قائمة المطالبات إلى المحكمة أن يبلغ الدائن الذي أُوصي برفض مطالبته أو بعرضها على خبير، ويحق لهذا الدائن التقدم إلى المحكمة بطلب النظر في مطالبته.
يعد المدين المقترح -بمساعدة الأمين- خلال المدة التي تحددها المحكمة في حكمها بافتتاح إجراء إعادة التنظيم المالي
يلتزم الأمين بإعداد تقريراً يتضمن رأيه في إمكانية الموافقة على المقترح من الدائنين وقابليته للتنفيذ. ويسلمه للمحكمة وذلك مع إيداعه نسخة من المقترح لدى المحكمة
على المدين -بعد موافقة الأمين- أن يبلغ الدائنين الذين قبلت المحكمة مطالباتهم بموعد التصويت على المقترح قبل حلوله بـ (واحد وعشرين) يوماً على الأقل، وأن يرفق بالتبليغ نسخة من المقترح.
ويقوم الأمين بإدارة اجتماع التصويت على المقترح ، وعلى الأمين فور نهاية التصويت تبليغ المدين والملاك والدائنين بنتيجة التصويت، وإيداع النتيجة لدى المحكمة.
فإذا انتهت نتيجة التصويت بقبول جميع فئات الدائنين والملاك بالمقترح أو إذا قبلت فئة واحدة على الأقل من فئات الدائنين بالمقترح، وصوت بالموافقة عليه دائنون تمثل مطالباتهم (خمسين في المائة) على الأقل من مجموع قيمة مطالبات الدائنين المصوتين في جميع الفئات؛ فعلى الأمين أن يطلب من المحكمة التصديق على المقترح وعليه قبل تقديم طلبه أن يبلغ الدائنين بذلك، وتحدد المحكمة موعداً لجلسة التصديق على المقترح.
يلتزم الأمين خلال (عشرة) أيام من تاريخ التصديق على المقترح بالإعلان التصديق في موقع لجنة الإفلاس متضمناً اسم المدين وعنوان مقره الرئيس ورقم سجله التجاري وتاريخ إصدار التصديق ونبذة عن بنود الخطة، وكذلك إيداع نسخة من حكم المحكمة بالتصديق في سجل الإفلاس.
يشرف الأمين خلال الفترة من التصديق على المقترح إلى تنفيذ الخطة وإنهاء إجراء إعادة التنظيم المالي، وإذا واجه الأمين أي عائق يحول دون تنفيذها؛ فعليه أن يتقدم إلى المحكمة بطلب النظر في ذلك، وتقوم المحكمة باتخاذ ما تراه في هذا الشأن.
بعد المصادقة على المقترح من قبل المحكمة وتحول المقترح إلى خطة ملزمة للمدين والدائنين يلتزم المدين بتقديم تقرير في نهاية كل (ثلاثة) أشهر إلى الأمين عن سير تنفيذ الخطة وعلى الأمين مراجعة التقرير للتحقق من صحة المعلومات الواردة فيه، ويقدمه إلى المحكمة والدائنين خلال (ثلاثين) يوماً من تسلمه من المدين.
يلتزم الأمين عند اكتمال تنفيذ الخطة بتقديم طلب إلى المحكمة للحكم بإنهاء إجراء إعادة التنظيم المالي وعليه إبلاغ الدائنين بالطلب قبل تقديمه، ولكل ذي مصلحة حق الاعتراض على هذا الطلب أمام المحكمة خلال (أربعة عشر) يوماً من تقديمه.
يلتزم الأمين بإيداع حكم المحكمة بإنهاء إجراء إعادة التنظيم المالي في سجل الإفلاس، ويترتب على ذلك انتهاء مهماته.
فيما سبق بيانه تحدثنا عن دور أمين الإفلاس فيما يتعلق بإجراء التنظيم المالي ،وفي البداية قد أشارنا إلي مفهوم إجراء إعادة التنظيم المالي؛ حيث إنه إجراء الغايه منه هو تسهيل الوصول من قبل المدين لإتفاق مع دائنيه على إعادة التنظيم المالي لما يقوم به من نشاط وذلك بإشراف من أمين مختص بإعادة التنظيم المالي.
ثم تابعنا الحديث ببيان الممكنات النظامية للمدين في إعادة التنظيم المالي والتي تتضمن:
" تعليق المطالبات، وإنهاء العقود، وإعداد المقترح والتصويت عليه ".
وبعد ذلك تطرقنا إلي الآثار القانونية التي تنتج عن افتتاح إجراءات إعادة التنظيم المالي والتي تتمثل في :
"تعيين المحكمة اميناً للإجراء لتولي إدارة الإجراء والاشراف على نشاط المدين، تعليق المطالبات والدعاوى خلال المدة المنصوص عليها في النظام، خضوع المدين لإشراف قضائي من خلال الأمين المعين من المحكمة، إلتزام المدين بإعداد المقترح لإعادة تنظيم أعماله المالية، إعفاء المدين أو المالك أو المدير أو المسؤول أو عضو مجلس الإدارة أو مراجع الحسابات من تطبيق أحكام نظام الشركات فيما يتعلق بخسائر الشركة، جرد أصول المدين وفحص عقوده من قبل الأمين، حماية نشاط المدين من خلال إلتزامه بعدم اقدامه علي تصرفات محددة إلا بحصوله علي موافقة كتابية من الأمين المعين".
ثم بعد ذلك قد أشارنا لمفهوم الإفلاس،
حيث إنه هو القانوني الذي يتم تعينه من المحكمة أو مقدم الطلب لقيامه بالمهمات المطلوبه منه وذلك بحسب نوع الإجراء، والجدير بالذكر أننا قد أوضحنا أهمية دوره وما يجب أن يتوافر فيه من صفات تتعلق بالنزاهة والموضوعية والشفافية والسرية والكفاية المهنية وبذل العناية الواجبة.
كما استعرضنا التزاماته فيما يخص إجراء إعادة التنظيم المالي والتي تتمثل في:
"الإفصاح عن العلاقة، إيداع نسخة الحكم بالافتتاح في سجل الإفلاس، الإعلان عن الإجراء ودعوة الدائنين لتقديم مطالباتهم، تبليغ الدائنين المعلومين لدى المدين، الإشراف على نشاط المدين، فحص العقود،جرد أصول المدين، إعداد قائمة المطالبات ورفعها للمحكمة، مساعدة المدين في إعداد المقترح، إعداد تقرير عن المقترح، إدارة تصويت الدائنين وإيداع نتيجة التصويت في المحكمة، تقديم طلب التصديق على المقترح للمحكمة وتبليغ الدائنين بذلك، الإعلان عن التصديق على المقترح، الإشراف على تنفيذ الخطة،تقديم تقرير المدين الدوري عن سير الخطة للمحكمة، تقديم طلب للمحكمة بإنهاء الإجراء عند تنفيذ الخطة، إيداع حكم المحكمة بإنهاء إجراء إعادة التنظيم المالي في سجل الإفلاس".
وقد تحدثنا عن كافة الالتزامات المشار إليها في تلك النقاط بشكل تفصيلي وفقاً لما سبق بيانه.
1. يعد إجراء إعادة التنظيم المالي أداة فعالة لتجنب التصفية والحفاظ على نشاط المدين الاقتصادي، ويمنح هذا الإجراء المدين فرصة للتوصل إلى تسوية مع الدائنين تحت إشراف أمين الإفلاس، مما يساهم في تقليل الآثار السلبية للتعثر المالي على الإقتصاد الوطني.
2. أمين الإفلاس هو العنصر الأساسي في إدارة وتنفيذ الإجراء؛ حيث يقوم بمهام متعددة تشمل الإشراف على نشاط المدين، تنظيم العلاقة بين الأطراف، وضمان الالتزام بالأحكام النظامية.
3. يلعب أمين الإفلاس دورًا مهمًا في تعزيز الشفافية من خلال الإفصاح عن المعلومات المالية وتنظيم التصويت على خطة إعادة التنظيم المالي، مما يضمن العدالة لجميع الأطراف المعنية.
4. يُمكن نظام الإفلاس المدين من تعليق المطالبات والدعاوى خلال فترة الإجراء، مما يمنحه فرصة لإعادة ترتيب أوضاعه المالية. كما أن الأمين يضمن عدم اتخاذ المدين أي تصرفات مالية جوهرية دون موافقة مسبقة.
5. يتجسد دور أمين الإفلاس في كونه وسيطًا بين الدائنين والمدين، حيث يساعد في إعداد الخطة وتنظيم التصويت عليها، مما يضمن الوصول إلى اتفاق يحقق مصلحة الجميع.
6. يقدم النظام مزايا مثل إعفاء المسؤولين في الشركة من بعض الأحكام المتعلقة بالخسائر، مما يساعد على تحفيز الأطراف لإيجاد حلول مستدامة.
7. التزامات أمين الإفلاس تشمل الجوانب الإدارية والقانونية والفنية، مثل فحص العقود، جرد الأصول، تقديم التقارير للمحكمة، والإشراف على تنفيذ خطة التنظيم المالي.
هذه المهام تعكس مدى تعقيد الدور وأهميته في تحقيق نجاح الإجراء.
8. يتطلب النظام من أمين الإفلاس التمتع بصفات مثل النزاهة، الشفافية، والكفاءة المهنية لضمان تنفيذ المهام بطريقة تحقق الأهداف المنشودة.
9. يعكس نظام الإفلاس السعودي الجديد حرص المشرع على إدراج إجراءات تواكب التحديات الاقتصادية العالمية، مما يظهر بوضوح في المهام التي يقوم بها أمين الإفلاس لضمان تحقيق أهداف النظام.
10. يساهم أمين الإفلاس في تعزيز ثقة المستثمرين في البيئة الاقتصادية بالمملكة، بفضل دوره في تسهيل إعادة الهيكلة المالية للشركات المتعثرة، مما يدعم رؤية السعودية 2030 التي تسعى إلى استقطاب استثمارات محلية ودولية.
1. تعزيز دور أمين الإفلاس من خلال التدريب والتأهيل حيث إنه يُوصى بإنشاء برامج تدريبية متخصصة لتأهيل أمناء الإفلاس على التعامل مع الإجراءات المعقدة، وضمان امتلاكهم الكفاءة المهنية والمهارات اللازمة لتطبيق النظام بفعالية.
2. تطوير أدوات تقنية لدعم أمناء الإفلاس فيُوصى بتوظيف التكنولوجيا لتسهيل مهام أمين الإفلاس، مثل نظم إدارة المطالبات، تحليل العقود، وإعداد التقارير الدورية لضمان الشفافية والكفاءة في إدارة الإجراء.
3. يجب نشر الوعي بين المدينين والدائنين حول حقوقهم وواجباتهم ودور أمين الإفلاس وفقًا لنظام الإفلاس، وذلك من خلال الندوات وورش العمل، لضمان تعاون الأطراف مع أمين الإفلاس.
4. تعزيز الإشراف القضائي من خلال تطوير آليات إشراف قضائي أكثر مرونة وفعالية، بحيث يتمكن القضاة من متابعة سير إجراءات التنظيم المالي بوضوح ودقة، بالتنسيق مع أمين الإفلاس.
5. إجراء تعديلات تشريعية لتحسين النظام فإستنادًا إلى التجارب العملية، يُوصى بمراجعة نظام الإفلاس بشكل دوري لإدخال تعديلات تشريعية تُحسّن من آلية العمل وتضمن معالجة العقبات التي يواجهها أمين الإفلاس.
6. تعزيز التعاون بين الجهات ذات الصلة حيث إنه يُوصى بإنشاء آليات تعاون فعّالة بين أمين الإفلاس، والمحاكم، والمدينين، والدائنين والجهات العام والخاصة لضمان تحقيق أهداف النظام وتجنب النزاعات التي قد تعرقل الإجراء.
7. تقييم الأداء بشكل دوري من خلال تطبيق نظام تقييم دوري لعمل أمين الإفلاس لقياس كفاءته ومدى التزامه بالمعايير المطلوبة، مع توفير تقارير للمحكمة لتحسين الأداء.
8. تشجيع البحوث والدراسات المقارنة وذلك بإجراء دراسات مقارنة مع أنظمة إفلاس دولية ناجحة لتبني أفضل الممارسات التي تعزز دور أمين الإفلاس في التنظيم المالي.
1. د.عبد الرازق أحمد السنهوري، د.أحمد حشمت أبوستيت، أصول القانون أو المدخل لدراسة القانون، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، 1950م صفحة 55 – 57.
2. د.فهد علي الزميع، مبدأ شطب الديون في قوانين الإفلاس، دراسة مقارنة، العدد 88، يونيه 2024م، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، كلية الحقوق ، جامعة المنصورة، مصر ، صفحة 355.
3. د.وليد بن عيد الظفيري، إعادة التنظيم المالي كوسيلة من وسائل تجنب إفلاس المشروعات، مجلة الأندلس العدد (76) المجلد (10) يونيو 2023م ، صفحة 43.
4. نظام الإفلاس الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/50) وتاريخ 28/5/1439هـ.
5. د. وليد بن عيد الظفيري، إعادة التنظيم المالي كوسيلة من وسائل تجنب إفلاس المشروعات، مجلة الاندلس العدد (76) المجلد (10) يونيو 2023م، صفحة 48.
6. قواعد السلوك المهني للأمناء والخبراء الصادرة بموجب قرار لجنة الإفلاس بشأن الموافقة على قواعد السلوك المهني للأمناء والخبراء رقم (0219/02) وتاريخ 1440/05/30هـ.
7. قواعد إدارة الاجتماعات في إجراءات الإفلاس الصادرة بقرار وزير التجارة والاستثمار رقم (13) وتاريخ 1441/01/18هـ والمنشورة في جريدة أم القرى العدد (4798) وتاريخ 1441/01/28هـ.